Labels

A Tribute To... (2) Culture (3) Dailies (1) News (25)

Thursday, June 30, 2011

القرار الاتهامي....صدر

لبنان يستوعب بهدوء «القرار الاتهامي» في جريمة الحريري سعد الحريري يؤكّد أن ملاحقة المتهمين مسؤولية الحكومة ... وجعجع يدعو لتنفيذ التوقيفات!

السفير-1 تموز-2011

بهدوء لا مثيل له، عبر القرار الاتهامي من «قاعة الخطى الضائعة» الى الطبقة الرابعة في قصر العدل في بيروت. هدوء افتقد معه القرار الى عنصر المفاجأة. فالمتهم واضح والأسماء أعلنت في وسائل الاعلام حتى قبل أن يجتمع القاضي سعيد ميرزا بوفد المحكمة الدولية وبعده وخلاله.
رفعت صور المتهمين على الشاشات واسماؤهم الحركية وأرقام قيودهم وتاريخ انتسابهم، لكن هذا الاستثمار، قابله هدوء لا مثيل له في الشارع اللبناني من أقصى شمال الحرمان الى جنوب المقاومة مرورا بعاصمة كل أطياف الوطن وبقاع الصابرين وجبل التسويات، وبدا من خلال هذا المشهد أن الشعب اللبناني، من دون شحن قياداته، هو شعب عاقل ويدرك مصلحة بلده أكثر من بعض الحاقدين والموتورين وأصحاب المآرب.

بعد ست سنوات وأربعة أشهر وأسبوعين، اصدر مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بيلمار القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
لم يأت القرار مفاجئا، بل صدر مطابقا للتوقعات وفي لحظة سياسية بدت منتظمة على مواعيد سياسية لبنانية، ووفق خارطة التسريبات التي تتالت منذ الثامن عشر من آب 2006، في جريدة «لوفيغارو» الفرنسية، وذلك بعد أربعة ايام من انتهاء حرب تموز 2006، مرورا بـ«ديرشبيغل» و«سي بي اس» والتلفزيون الاسرائيلي وغيرها.
لم يأت القرار مفاجئا، لكنه بصدوره أثار الكثير من علامات الاستفهام خاصة حول آلية تطبيقه وماذا بعد مرور مهلة الثلاثين يوما، وهل تأخذ بعد ذلك المحكمة علما بتعذر ابلاغ المتهمين ومحاكمتهم غيابيا، أم أنها ستحيل الملف الى مجلس الأمن لبدء مرحلة جديدة تستند الى الفصل السابع كما يشتهي بعض فريق 14 آذار وبعض الجهات الدولية؟
لم يأت القرار مفاجئا، إلا بالممر السري الذي آثرت المحكمة الدولية سلوكه في تبليغ القرار، مبقية بقرار منها مضمونه الاتهامي والاشخاص المشمولين بالاتهام محجوبين عن العيون والآذان، لتتولى مواقع الكترونية مغمورة وغير مسموع بها قبل الثلاثين من حزيران، تسريب معلومات تفصيلية عن القرار وعن الاسماء الاربعة في «حزب الله» وعن خلفياتهم وعن سيرهم الشخصية.
بدا «المخرج» ـ المايسترو واحدا من لاهاي الى باريس وصولا الى بيروت. «أهل المحكمة» أي التيار السياسي الذي تتكئ عليه ويتكئ عليها، قرروا اعتماد طرق خلفية لايصال الرسالة. لم يكتفوا باتهام «حزب الله». سحبوا وفد المحكمة الدولية من العدلية في المتحف الى طريق بيروت ـ دمشق. «شخصيات سورية أضيفت» و«المحكمة ستبلغ القضاء السوري به»، قبل أن يقرروا أن ما يبث عبر شاشاتهم «غير دقيق».
وإذا كان القرار قد اكد على ثابتة تبدو المحكمة الدولية منخرطة في سياقها وهي ان التسريب المباشر أو غير المباشر هو القاعدة التي ترتكز عليها، فإنه لم يحدث الصخب المتوقع، وقد مارس اللبنانيون حياتهم الطبيعية، تاركين لقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن يتحول الى «ولي الدم»، فاذا به أول من يعلق، قبل أن ينتهي اجتماع سعيد ميرزا بالمحققين وقبل أن يخاطب سعد الحريري اللبنانيين!
على ان «حزب الله»، قد خيب آمال كثيرين توقعوا مسارعته للرد على القرار، فعلى الرغم من الاتهام الاعلامي والسياسي المباشر، تلقف ذلك بأعصاب باردة وهدوء شديد، خاصة انه لطالما اعتبر نفسه غير معني به، ولا بالمحكمة اصلا ولا باتهامها السياسي الجاهز. المضمون وصل من خلال تسريبات صحافية، لكن اللافت للانتباه هو اختيار التوقيت السياسي (إقرار البيان الوزاري لحكومة نجيب ميقاتي) حتى صح القول معه «كاد المريب يقول خذوني».
وطالما ان لا اتصال رسميا بالحزب حتى الآن من قبل الجهات القضائية المختصة، فان قيادة الحزب التزمت الصمت وعندما سئلت تعليقها كان الجواب تعليقنا هو الصمت، في انتظار اطلالة لأمينه العام السيد حسن نصرالله قبل نهاية الأسبوع الحالي.
عمليا، يمكن القول إن «حزب الله» في انتظار الاجراءات التي يمكن أن تبدأ بالظهور في الساعات المقبلة، لكي يبنى على الشيء مقتضاه، علما بان المعطيات الأولية التي حصل عليها الحزب، اشارت الى أن القرار الاتهامي واصدار مذكرات التوقيف لم يترافقا مع تسليم الأدلة ونشرها كما كان الوعد ســابقا من المحكمة الدولية.
وفي انتظار انجاز الحزب قراءته السياسية وتقييمه وجمعه للمعطيات والأدلة خلال الساعات المقبلة، تولت قناة «المنار» التعبير بصورة أولية عن موقف الحزب الرسمي في مقدمة نشرتها المسائية، بقولها ان المحكمة «مسيسة حتى النخاع ومتخمة بشتى صفوف اجهزة الاستخبارات»، وأشارت الى أن أرباب المحكمة «نطقوا بقرارهم المعروف سلفا والمطابق نصا وروحا لتسريبات درجت عليها صحف غربية وعربية، وحتى اسرائيلية منذ سنوات خلت، واختارت دوائر القرار السياسي الممسكة بقرار المحكمة توقيتا سياسيا لقرارها الاتهامي على ايقاع تطورات عربية ومتغيرات لبنانية، ابرزها تشكيل الحكومة واقرار بيانها الوزاري». واشارت الى ان المحكمة «سلمت سعيد ميرزا القرار باعتباره ضابطة عدلية لا سلطة مستقلة، وهذا ما يؤكد وضع لبنان تحت وصاية دولية بعد قرار دبرته حكومة فؤاد السنيورة في ليل، وتجاوزت به كل الممرات القانونية والدستورية».
ولعل المقاربة المسؤولة التي قدمها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، تركت ارتياحا كبيرا في صفوف جمهور المقاومة، عندما قدم نفسه كمسؤول متفاعل مع مشاعر كل اللبنانيين على ضفتي الوجع من الجريمة والوجع من الاتهام، وبدا شديد الوضوح والشفافية في تأكيده ان مبدأ المحكمة بالبداية كان يحظى بالاجماع، ولكن مسيرة ما بعد لحظة الانطلاق بها شابتها شوائب وظواهر ادت الى تفسخ الاجماع وانشطاره حول هذا المبدأ. وحذر من تبعات اخذ البلد نحو الفتنة، ودعا إلى التعقل والتبصر في رحلة البحث عن الحقيقة من دون مواربة. واكد ان القرارات الاتهامية ايا كان مصدرها ليست احكاما، والاتهامات تحتاج الى ادلة دامغة، وكل متهم بريء حتى تثبت ادانته.
وقال ميقاتي لـ«السفير» مساء امس انه مطمئن بعد الاتصالات التي اجراها انه لن تكون هناك فتنة في لبنان نتيجة لصدور القرار الاتهامي، وان الحكومة ماضية في عملها بعد إقرار البيان الوزاري، وتتطلع الى نيل ثقة مجلس النواب، المرجح عقد جلسته الاثنين المقبل، «لاننا لا نريد ان نخلق حالة من الذعر والهلع والتوتر في البلاد نتيجة قرار دولي ليس بيدنا، والامور جيدة ان شاء الله وستأخذ مجراها الطبيعي سواء في ما خص القضاء اللبناني والنائب العام الذي تقع عليه لا على الحكومة مسؤولية متابعة إجراءات المحكمة والقرار الاتهامي، او في ما خص عمل الحكومة».
أما رئيس الحكومة السابق سعد الحريري فتوجه بكلمة الى اللبنانيين من الخارج رأى فيها ان صدور القرار الاتهامي هو لحظة تاريخية مميزة في حياة لبنان، وامل ان يشكل نقطة تحول في تاريخ مكافحة الجريمة السياسية المنظمة في لبنان والعالم العربي. ودعا الى الامتناع عن التشويش على مسار العدالة والى جعل الاعلان عن صدور القرار فرصة لقيام الدولة اللبنانية بمسؤولياتها، ودعا الحكومة الى تنفيذ التزامات لبنان تجاه المحكمة الخاصة والى عدم التهرب من المسؤولية.
وقد ناغمه بلغته الثأرية سمير جعجع الذي دعا الحكومة الى تنفيذ مذكرات التوقيف، مخالفا القاعدة القانونية باعتباره ان المشمولين بالاتهام يبقون متهمين الى ان تثبت براءتهم. علما ان صدور القرار بالنسبة الى قوى «14 آذار» يجعلها تحاول الاستفادة من هذه اللحظة لاعتمادها منصة للرمي منها على «حزب الله» وعلى حكومة ميقاتي، وتلك مادة كبرى ستحاول الاستثمار عليها في جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة الميقاتية المقرر انعقادها في الايام القليلة المقبلة في المجلس النيابي.
ولعل السؤال الابرز الذي تفرزه الاحداث الاخيرة يتمحور حول ما سيلي اصدار القرار الاتهامي، كما ان الملاحظة الابرز تلحظ وجه شبه كبير ما بين «القرار الاتهامي» الذي اصدره رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس واتهم فيه الضباط الاربعة باغتيال الرئيس الحريري، وفتح لبنان على حقبة من التوتر الشديد لم تنته تداعياتها واثارها بعد على الرغم من ثبوت براءة الضباط، وبين القرار الاتهامي الذي اصدره دانيال بيلمار امس، والخشية هي ان تتكرر تلك التجربة المرة في ظل ما يتردد عن ادلة وقرائن سياسية تشير باصابع الاتهام نحو «حزب الله».
وفيما قالت مصادر قضائية ان القرار تم تسليمه باللغة الانكليزية، ويقع في ما يزيد عن 150 صفحة مقرونة بمذكرات توقيف بحق بعض الاشخاص، وعكفت الجهات المعنية مباشرة على ترجمة القرار ليصار بعده الى اتخاذ الخطوات المناسبة، اشارت بعض قنوات التسريب الى ان عدد مذكرات التوقيف هي اربع، وتتناول أفرادا من «حزب الله» هم حسب تسريبات عدة مصطفى بدر الدين(المعروف بسامي عيسى)، وسليم عياش الملقب بـ(ابو سليم) وأسد صبرا وحسن عنيسي. وبحسب التسريب، فإن وفد لجنة التحقيق الدولية قام بشرح الاتهامات المسندة اليهم في التخطيط والتنفيذ وطلب ان يقوم لبنان بما يتوجب عليه في هذا المجال وفق قواعد واجراءات الاثبات والقرار 1757.
دوليا، اعتبرت الولايات المتحدة ان تسليم القرار الاتهامي يشكل «خطوة مهمة نحو العدالة»، وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية مارك تونر للصحافيين «لم نطلع على الوثائق التي ارسلت الى الحكومة اللبنانية وبالتالي لا يمكننا في هذه المرحلة التعليق على فحواها»، وأضاف «ولكن المصادقة على القرار الاتهامي من جانب قاضي الاجراءات التمهيدية وارساله الى المدعي العام في لبنان يشكل خطوة مهمة نحو العدالة، هذا الامر يضع حدا للافلات من العقاب الذي كان يسود لبنان في جميع الاغتيالات السياسية».
وفي نيويورك، جدد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون «دعمه القوي للمحكمة الدولية وجهودها من اجل الحقيقة وتوجيه رسالة بان الافلات من العقاب ليس مقبولا». واضاف «انه يدعو كافة الدول الى دعم العملية القضائية المستقلة».
البيان الوزاري: 18=11
من جهة ثانية، اقر مجلس الوزراء، أمس، البيان الوزاري للحكومة الميقاتية، وبدأت الاجراءات العملية لطباعته واحالته الى المجلس النيابي تمهيدا لعقد الجلسة العامة بدءا من الاثنين المقبل لمناقشته ونيل الثقة على اساسه.
وخرج بند المحكمة الدولية بصيغة توافقية اكدت فيها الحكومة وانطلاقا من احترامها القرارات الدولية حرصها على جلاء الحقيقة وتبيانها في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه، وانها ستتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت مبدئيا لاحقاق الحق والعدالة «بعيدا عن أي تسييس او انتقام، وبما لا ينعكس سلبا على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الاهلي» (النص الكامل للبيان الوزاري ص5). ولوحظ ان الحكومة بأكثريتها الجديدة قد مرت في اختبار مبكر لمراكز القوى داخلها، وتبدى ذلك في بندين الاول حينما سجل الوزراء المحسوبون على الرئيس ميقاتي وعلى النائب وليد جنبلاط تحفظا على إيراد مفردة «مبدئيا» في بند المحكمة واقتراحهم استبدالها بـ«أساسا»، كما تبدى في البند الثالث والثلاثين المتعلق بوزارة الاتصالات والعلاقة بين الوزارة و«أوجيرو». حيث جرى تقديم اقتراح من قبل الوزير غازي العريضي يقضي بتعديل الفقرة القائلة بأن الحكومة «ستسعى الى ارساء قواعد واضحة لضبط آليات العمل بين الوزارة وهيئة اوجيرو بحيث يعملان كجسم واحد..» ويقضي التعديل بحذف «بين الوزارة وهيئة اوجيرو بحيث يعملان كجسم واحد» الامر الذي خلق نقاشا وزاريا لما يزيد عن ساعة تقرر بعده اجراء تصويت على قاعدة استمزاج الرأي، فجاءت النتيجة 18 صوتا لصالح ابقاء النص كما هو، و11 صوتا لصالح حذفه، واللافت ان الاصوات الـ11 شملت وزراء الرئيسين سليمان وميقاتي والنائب جنبلاط الذي سيعقد مؤتمرا صحافيا عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر اليوم في كليمنصو تحت عنوان «آن أوان التسويات»!

No comments:

Post a Comment